تطبيق العقوبة ليس هو العبادة و ليس هو حدود الله.. و إنما عدم  و منع الوقوع بالخطأ هو الإلتزام بحدود الله…

*دوماً كان الهدف من أي عقوبة تُنزل بمرتكب جريمة هو الإصلاح و الردع و ليس الانتقام منه..و يدل على ذلك الآية الكريمة:


{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة179

فلم يقل ..عبادة يا أولي الألباب. و إنما قال  حياة …فالعقوبة هي  لردع المعتدي.. و منع تجاوز حدود الله ..التي هي حدود هدفها امن و رفاهية المجتمع…. و الحدود هي .. هي لم تتغير منذ بدء التشريع الإلهي / حد القتل و حد السرقة و حد الزنا و حد الغش و حد الكذب و……أي تحريم القتل و السرقة و الزنا و الغش و الكذب……/ أما العقوبة فتختلف.. و كلما تقدم المجتمع كان الوصول  للردع و لأمن و رفاهية المجتمع ممكن بأخف درجة من العقوبة..فالعقوبات ليست غايتنا و إنما منع إرتكاب الأخطاء و صلاح المجتمع هو الغاية

و العقوبات في الإسلام لا تختلف فيه عن أي تشريع..هناك عقوبات لحالات الطوارئ حيث تستخدم اشد العقوبات فيها للسيطرة على الفوضى وإعادة النظام للمجتمع… أما في  حالات الأمن و في ظل مجتمع راقي فعلينا تخفيف العقوبة لأدنى درجة يمكن أن تستقيم معها الأمور و يجب أن يبقى نصب أعيننا قوله تعالى:

–وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى -…..

_   {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }الشورى40..

_{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة45..

./فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ/ فما يجوز للفرد يجوز للمجتمع..فعند تصدق الفرد يكون اكثر سمواً و نبلاً و كذلك المجتمع./ ….فتطبيق العقوبة ليس هو العبادة و ليس هو حدود الله.. و إنما عدم  و منع الوقوع بالخطأ هو الالتزام بحدود الله…

ففي حالات التسيب و الفلتان الأمني  يمكن أن تطبق أشد العقوبات كعقوبة قطع يد السارق و قتل المغتصب..لردع المعتدي..لكن في حالات الأمن يمكن أن نقطع يد السارق عن طريق إخضاع السارقين لعلاج نفسي و تثقيف إجتماعي و ديني و أهم شيء إيجاد عمل لمن ليس له عمل…..و على هذا المنوال بقية الأمور

*مثال: في حال تطور المجتمع و انتشرت ثقافة التسامح و عدم قتل القاتل …فسوف تنتفي  حالة الثأر  في المجتمع..عندها يمكننا إلغاء الإعدام..و هناك مبرر شرعي قوي لذلك …فنحن بإلغائنا عقوبة الإعدام لا نكون قد ألغينا شرع الله …فنحن نكون مازلنا محرّمين لقتل النفس التي حرم الله ..لا بل وسّعناها بتحريم قتل النفس حتى للمجرم..و أزيد على ذلك ..إن قتلت القاتل فأنت أرسلته لجهنم…لكن إن سجنته لعدد من السنين أو مؤبد فأنت بذلك أعطيته فرصة ليتوب لله و يعود رجلاً صالحا فالله يغفر كل شيء إلا الشرك..هل منا من يكون منزعجاً إن تاب قاتل و استغفر ربه و أصبح صالحاً و هل في هذا تحليل لما حرم الله أو هدم للشرع

من الضروي أن نفرق بين حدود الله (قتل-زنى-سرقة…..) و بين عقوبتها فالحدود ثابتة لا تتغير و إنما تتغير العقوبة حسب تطور المجتمع

د.عدنان عبود

======================

حلال محمد ..حلالٌ إلى يوم القيامة…و حرام محمد..حرامٌ ليوم القيامة..لأنه ببساطة هو ما حلله و حرّمه الله..

و لم يقال عقوبة محمد هي عقوبة ليوم القيامة.

علينا أن نعلم أنّه في الحلال هناك الحسن و الأحسن..

أما في الحرام فكل ما حرّمه الله/سرقة-زنى-قتل..غش-عدم القسط في الميزان-الغيبة -النميمة….كلها نسميها حدود الله/هي حرام ليوم القيامة..أما العقوبة التي يجب أن تطبق فهي أخف عقوبة تمكننا من الحفاظ على حدود الله..و مازال المسلمون يخلطون بين حدود الله و العقوبة. لا تغيير في حدود الله أما العقوبة فيجب أن تناسب التطور الثقافي للمجتمع و حالته الأمنية الراهنة..

 

د.عدنان عبود

================

سؤال من صديق:َالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” (المائدة :38) …

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ

أليس القرآن حجتك ؟؟؟

اخبرني إن كانت العقوبة يجب أن تتغير لم حددت بالقرآن وأمرنا الله بان لا تأخذنا بهم الرحمة ؟ “ان كنا مؤمنين”

 الجواب:

سؤالك جيد…و لكن علينا أن نعلم أنّ القرآن لا يقتطع منه آية و تقرأ معزولة عن سياق القرآن الكريم و إنما تقرأ في سياق الآيات الأخرى التي تضيء النور حول الموضوع:
–وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى -…..

_   {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }الشورى40..

_{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِه فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة45..

./فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ/ فما يجوز للفرد يجوز للمجتمع..فعند تصدق الفرد يكون أكثر سمواً و نبلاً و كذلك المجتمع./ ….فتطبيق العقوبة ليس هو العبادة و ليس هو حدود الله.. و إنما عدم  و منع الوقوع بالخطأ هو الالتزام بحدود الله…

===============

 

د.عدنان عبود