المرأة

إلى ابنتي سهر….كنت دوماَ عندما أطالب برفع الغبن عن النساء بسبب الأفكار البالية المتوارثة و التي غلفت بغلاف الدين و الدين براء منها—كنت أعتبر نفسي أنني أدافع عن مظلوم..بعد أن أتيتِ إلى الدنيا أصبح جزء مني أنثى فأصبحت أدافع عن نفسي عندما أدافع عن المرأة….فما أكتب و ما أقول هو لك و لكل أنثى لكي لا يقنعوها بأنها ناقصة عقل أو دين و أنها مخلوق أدنى من الرجل…..

 

{مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }لقمان28

الآية الكريمة  صريحة تشير إلى أن الخلق كنفس واحدة و البعث كنفس واحدة

  • خلق الله الإنسان و لكي يتكاثر و يعمر هذا الكون  كان لا بد من قسمه إلى نصفين كل نصف معتمد على الآخر و يتكامل مع الآخر و بإتحادهما تدب الحياة على الأرض..و هكذا قسم الإنسان إلى جنسين مختلفين ذكر و أنثى— لكن جنسين متجاذبين و ليسا متنافرين— و لا يستطيع أحدهما الإستغناء عن الأخر…لو أستطاع أحدهما الإستغناء عن الآخر لزالت الألفة بينهما و لنشبت الحروب بينهما….و لو كانا متماثلين كان لا داعي لوجود سوى جنس واحد…إذن الذكر و الأنثى متساويين بالقيمة الإنسانية المطلقة و نرى صورة هذا في القرآن الكريم فلم يذكر المؤمن إلا وذكر المؤمنة و لم يذكر الصالح إلا و ذكر الصالحة….لا بل هناك تساؤل قد يكون  مشروع هل في الجنة جنس واحد من الإنسان أم جنسين؟ باعتبار أن الجنس له وظيفة هي التكاثر و في الجنة لا يوجد تكاثر؟–
  • في الحياة الجنينية تكون بداية تخلق الجنين واحدة في الجنسين و يكون الاختلاف بالصبغيات فقط XX أنثى—XY  ذكر..و كلاهما يحوي أنبوب تناسلي ذكري و انثوي معاً بنفس الوقت  و مع التطور يزول أحد الأنبوبين التناسليين للجنين  ليبقى الأنبوب  التناسلي الذي يتناسب مع جنس الجنين كذكر أو أنثى  و يتحكم بذلك الصيغة الصبغية ..و مع تشكل المبيضين و الخصيتين تبدأ الهرمونات الجنسية بالتأثير في بنية الجنين و تبدأ الفروق الجنسية
  • الأنثى غير الذكر و الذكر غير الأنثى هما شيئين مختلفين  و لا يجوز أن نقول كيف يمكن للرجل أن يكون كالمرأة أو كيف للمرأة أن تكون كالرجل—
    المرأة تملك قدرة إنتاج مخلوق جديد و دور الرجل في هذه العملية هو دور ثانوي و المرأة منوط على أكتافها تربية النشئ الجديد من البشر—فالمرأة لا تشكل نصف المجتمع فقط بل و تربي النصف الآخر….للأسف هذا الدور البالغ الأهمية و الدقة كان سبباً من أسباب تهميش دور المرأة؟
    الأنثى تمثل خزان لا ينتهي من العواطف للأولاد لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يعوض عنه الأب لا بل الرجل نفسه لا يمكنه العيش بدونه سواء حنان و عاطفة الأم أو الزوجة
    الأم تمثل للأبناء الإله الذي يغفر على الدوام في حين أن الأب يمثل للأولاد الإله الذي يعاقب و يثيب و لا يمكن لنشىء أن ينمو بشكل متوازن دون وجود هاتين الشخصيتين في حياته.
  • القوة العضلية من المعروف أن للرجل قوة عضلية أكبر من المرأة ..في القديم كانت لهذه القوة العضلية دوراً مهماً و حاسماً في الحياة مما جعل المرأة تعيش تحت كنف و حماية الرجل..هذه القوة العضلية مكنت الرجل أن يكون المعيل المادي للأسرة و بسبب سيطرته الإقتصادية و العضلية سيطر على الأسرة وصار الحاكم الآمر الناهي ضمنها.
  • القوة العقلية:صحيح إن حجم دماغ الرجل أكبر من حجم دماغ المرأة و لكن الحجم شيء و الوظيفة شيء آخر.لا أريد أن أدخل في دراسات قد يشكك بها البعض  أو قد تكون صعبة الفهم عليه و لكن أريد طرح مثال في الواقع كل من درس في الجامعة يدرك أن أغلب الأقسام كانت الإناث هن المتفوقات فيها  و بشكل عام لم يكن هناك تمايزات في تقدير الدرجات معتمدة على الجنس بين الطلبة و الطالبات… كلما أرتقت الحياة و ازدادت المعلومات كلما قل الاعتماد على العضلات وزاد الاعتماد على العقل و بالتالي تضائل دور الرجل كقائد اقتصادي و حامي للعائلة و زادت ندية المرأة للرجل و من حقها أن يكون صوتها موازياً للرجل في الأمور الاقتصادية و في كل ما يتعلق بالعائلة من قرارات..
  • عمل المرأة:العمل حاجة نفسية و بالتالي انتفاء الحاجة المادية لا يلغي حق المرأة وواجبها بالعمل.و لكن المرأة حياتها البيولوجية تقسم لثلاث فترات:ما قبل الزواج –فترة الولادة و تربية الأطفال—الفترة الثالثة الأطفال كبار و لا يحتاجون لرعاية مكثفة……في الفترتين الأولى و الثالثة يمكن للمرأة أن تعمل مثلها مثل الرجل إلا في الأعمال العضلية المنهكة فيفضل أن يقوم بها الرجل..أما فترة الخصوبة و تربية الأولاد فيفضل فيها أن تتفرغ الأم لتربية الأولاد الذين هم أهم و أخطر منتج في الحياة و لا يمكن ان يعوض حنان الأم و تربيتها شيء آخر..و لكن الحاجة المادية قد تدفع بالمرأة للعمل في هذه الفترة و هنا تقليل عدد الأولاد و وجود زوج متفهم و وجود دور حضانة أطفال متطورة تساعد في حل هذه المشكلة جزئياً…في الماضي كانت المرأة تلد دزينة أولاد يستهلكون حياتها في التربية مع تطور الحياة و اقتصار العائلة على فردين أو ثلاث سمح للأم بأن تنهي مهمة الرعاية المكثفة في سنوات قليلة قد لا تتجاوز 5-10 سنوات.و بالتالي سمح لها بأن تعود سريعاً للعمل و بكامل طاقتها مثلها مثل الرجل
  • طالما الأم هي التي تربي فمسؤولية اجتثاث التمييز على أساس الجنس ملقاةً عليها بالدرجة الأولى فعندما تربي الولد كالبنت و تدمجه في أعمال البيت مثله مثل البنت سوف يكون رجل المستقبل الذي يعمل في المنزل مع زوجته ليس من باب حسن أخلاق منه بل كواجب عليه مثله مثل زوجته.

د.عدنان عبود